من منا لم يحلم بإنشاء مشروع خاص ليعتبر مصدر دخل رئيسي أو حتى إضافي إلى جانب راتبه الشهري من الوظيفة؟
لا بد أنك في مرحلة ما قد راودتك فكرة بدء عمل خاص ولكن عائقاً ما قد منعك من الإستمرار. قد يكون المانع قلة التمويل أو نقص الخبرة اللازمة لتسيير العمل بشكل صحيح. وبالطبع أنت هنا للبحث عن إجابات ونعدك أن يساعدك هذا المقال لإيجادها بالتأكيد.
في هذا المقال سوف تتعرف خطوة بخطوة على كيفية تطوير أفكارك إلى أعمال ربحية. بالإضافة لاكتساب الخبرة التي تحتاجها لتأسيس أعمال سيكتب لها النجاح والتطور على المدى البعيد.
مرحلة ابتكار فكرة المشروع
كثيرون منا قد يمتلكون أفكاراً يمكن أن تشكل حجر الأساس للربح والنجاح ويحتاجون فقط إلى تنظيمها. والبعض قد يحتاج إلى مساعدة لابتكار أفكار من هذا النوع. وفي كلتا الحالتين إليكم خطوات ابتكار وتطوير أفكار مشاريع ناجحة ومربحة.
- استكشف مواهبك وقدراتك
- ابحث عن المنتجات المطلوبة
- ابحث عن مشاكل يمكنك معالجتها
- جد شرائح جديدة غير مخدومة
1. استكشف مواهبك وقدراتك
جميع الأفكار الرائعة تنبع من داخل إنسان شغوف بشيء ما إلى حد الجنون. وكل إنسان يمتاز بتركيبة مميزة من المواهب والقدرات التي لا يمتلكها أي إنسان آخر، تماماً كبصمة اليد.
ولكي تستنبط أفكاراً لمشاريع ريادية لم يسبقك إليها أحد، فإن استكشاف مواهبك وقدراتك المميزة قد يساعدك في ابتكار مشاريع ريادية تحمل طابعاً يميزها عن غيرها من المشاريع المكررة الرتيبة. فكيف إذاً يتسنى لك أن تكتشف مواهبك وقدراتك المميزة؟
عليك أولاً أن تبحث عن شغفك، وهذا يتطلب منك أن تجرب أشياءً جديدة لم يسبق لك تجربتها. وبالإضافة إلى ما سبق، تعتبر القراءة والتهام كل ما يقع تحت يديك من كتب خياراً ذكياً. فالقراءة هي وسيلة أخرى لاستكشاف تجارب وعوالم جديدة تحفز خيالك ومواهبك الدفينة.
والسؤال المهم الذي قد تطرحه في هذه المرحلة هو: كيف أتعرف على شغفي؟ والجواب هو أنك في كل مرة تكون منغمساً في عمل ما تجده ممتعاً، فلا بد أنك قد شعرت حينها بمرور الوقت بسرعة أكبر. بالإضافة إلى شعورك بأنك تقوم بهذا العمل دون مجهود أو تفكير مفرط. كما قد تشعر أنك مستغرق إلى درجة أنك قد لا تلاحظ ما الذي يجري من حولك!
هذه الحالة بالتحديد هي ما يسمى بالتدفق، والتي تحدث ببساطة عندما تقوم بشيء تحب القيام به، فتتحرك جميع حواسك لإتمام هذا العمل ولا يتمرد أي منها بالخروج عن حالة التدفق هذه.
وعندما تجرب أشياء أكثر فسوف تكتشف حتماً أنك شغوف بأكثر من عمل. كما ستكتشف أنه يمكنك القيام بأمور كثيرة، وأن قدراتك لا حدود لها إلا بقدر تجاربك ومدى استقبالك لكل ما هو جديد. وهذا بالتحديد ما سيساعدك على استكشاف تركيبتك المميزة من المواهب والقدرات أو “بصمتك الفطرية” إن أحببت هذه التسمية.
وللأسف فإن كثيراً من الأشخاص لا يلقون بالاً إلى أهمية البحث عن شغفهم، فتجدهم يختارون أعمالهم بناءً على الربحية أو توجهات السوق أو لاعتبارات أخرى. والنتيجة أنهم سيشعرون بالثقل والرتابة من تأدية هذا العمل مع مرور الوقت، ثم يتطور هذا الأمر إلى الملل المفضي للإهمال، الأمر الذي يدفعهم بالنهاية إلى الفشل.
وللتعرف على شغفك بشكل أعمق، يمكنك أيضاً الاستعانة بأسلوب ايكيجاي Ikigai الذي هو عبارة عن مفهوم تقليدي في اليابان يعبر عن رسالة الإنسان في الحياة، وعن إيجاد كل شخص للغاية من وجوده، وقد بدأ هذا المفهوم بالانتشار مؤخراً نظراً لقدرته على قياس المهارات والقدرات والتوجهات التي يتقنها المرء.
يمكنك أيضاً الاستعانة باختبار ايكيجاي المجاني لاستكشاف شغفك ومهاراتك التي يمكنها أن تحقق لك التدفق والتوازن في حياتك وتكون مربحة في نفس الوقت.
2. ابحث عن المنتجات المطلوبة
ابحث عن السلع التي تنفذ بسرعة من رفوف الأسواق التجارية. كما يمكنك أن تبحث أيضاً عن السلع الأكثر مبيعاً في منصات التسويق الالكتروني مثل Amazon, AliExpress أو حتى eBay وحاول التفكير في طرق للإبتكار والتحسين.
وإذا كنت تعتزم دخول مجال الخدمات، فابحث عن أكثر الخدمات المطلوبة في سوقك، بالتحديد تلك التي يمكنك تقديمها على وجه الخصوص.
ولا تنس أن تبحث عن المنتجات التي تثير اهتمامك بشكل خاص، ودع حبك لهذا المنتج يدفعك إلى تسويقه بشغف كبير. الأمر الذي سيجعل منتجاتك ذات قيمة أعلى في نظر عملائك، وبالتالي ستصبح مربحة للغاية.
3. ابحث عن مشاكل يمكنك معالجتها
تخيّل لو كنت تواجه مشكلة عويصة ووجدت من يستطيع حلها! بالتأكيد ستفتح محفظتك وتدفع له نقودك مقابل حله لمشكلتك.
ولو بدأت أولاً بالبحث في المشاكل التي تواجهها بنفسك وحاولت أن تجد لها حلاً، فربما تكون هذه فرصتك لحل المشكلة نفسها للآخرين بمقابل مادي. ثم من المناسب أيضاً أن تبحث في مشاكل تنتشر في بيئتك ومجتمعك، وتحاول ابتكار حلول لها لتحقيق الأرباح. كما يمكنك أن تبحث في الانترنت عن مشاكل تواجه مجتمعات أخرى وتحاول ابتكار حلول لها بمقابل.
وبطبيعة الحال فإن مهارة حل المشكلات لا تقتصر على قطاع الخدمات فحسب، بل يمكن أيضاً حل مشكلات العملاء من خلال تقديم سلع يمكنها مساعدتهم على تخطي مشاكلهم اليومية.
ويمكننا تلخيص كل ما سبق في أن جميع المشاكل التي يواجهها العملاء يمكن تحويلها إلى فرص لتقديم منتجات جديدة، أو حتى تطوير منتجاتك لخدمتهم بشكل أكبر ومضاعفة أيراداتك.
4. ابحث عن شرائح جديدة غير مخدومة
في كل عقد من الزمان تظهر أجيال جديدة من البشر تمتاز بصفات تميزها عن الأجيال السابقة. وفي كل عام تطرأ العديد من التغييرات على تركيبات المجتمعات البشرية. فمن المواليد الجدد مروراً بأولئك الذين بلغوا مؤخراً، إلى من نضجوا وبلغوا سن الرشد، فجميع هؤلاء هم شرائح جديدة تنتظر من يقدم لها منتجات وخدمات تتلائم مع متطلباتهم المميزة.
ومن المفيد أن نشرح للقارئ كيف يمكن الإستفادة من هذه التغييرات. وذلك بطرح مثال عملي يتلخص في أن علم الاجتماع قد قدم لنا تصنيفات لكل جيل من البشر وجد على الأرض منذ أواخر القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا.
فعلى سبيل المثال لعلك سمعت بمصطلح الجيل اكس Generation X أو الجيل زد Generation Z، واللذان يعبران عن مواليد حقبتين مختلفتين لكل منهما ظروفها الخاصة التي انعكست بصورة صفات مشتركة لأبناء الجيل الواحد من هذين الجيلين، وبشكل يميز كل منهما عن غيره من الأجيال.
ومن المهم أن تعرف أن علم التسويق قد استفاد بشكل كبير من هذه التصنيفات، من ناحية ابتكار أساليب ترويج للمنتجات جاذبة للجيل المستهدف، بالإضافة إلى ابتكار منتجات تتوائم مع ميول كل جيل على نحو خاص.
وباختصار، يمكنك البحث في هذه التصنيفات بنفسك في نظرية التسويق عبر الأجيال للتعرف على الشرائح التي يمكنها الاستفادة من خدماتك ومنتجاتك.
مرحلة جمع البيانات حول المشروع
إن جمع البيانات والمعلومات بشكل دقيق يعتبر من أهم الإجراءات التي ينبغي القيام بها قبل البدء بأي عمل خاص. ولكي تتمكن من جمع بيانات شاملة حول المشروع، فعليك القيام بما يلي:
- إجراء تحليل سوات
- دراسة إجراءات الترخيص وقوانين الضرائب
- التعرف على الموارد
- إجراء أبحاث السوق
- تحديد الشريحة المستهدفة
- جمع عروض الأسعار
1. إجراء تحليل سوات
سوات أو SWOT هو عبارة عن تحليل لنقاط القوة Strengths ونقاط الضعف Weaknesses والفرص Opportunities والتهديدات Threats. والذي يتم من خلال إعداد قائمة بالمعلومات ذات الصلة والتابعة لكل عنصر من عناصر التحليل المذكورة آنفاً.
وللتعرف أكثر على هذا التحليل يمكنك الرجوع إلى مقالنا السابق بعنوان “ما هو تحليلSOWT؟ ولماذا يجب استخدامه عند وضع أي خطة؟” حيث شرحنا بالتفصيل كيفية إجراء هذا التحليل مع بعض الأمثلة.
2. دراسة إجراءات الترخيص وقوانين الضرائب
من المهم جداً قبل البدء أن تبحث في إجراءات الترخيص والتسجيل والقوانين الناظمة للقطاع الاقتصادي وقوانين الضريبة. والهدف من هذه الخطوة هو مساعدتك في رسم تصور عن مدى مرونة القوانين وقابلية تطبيقها، وما إذا كنت تستطيع بدء عملك الخاص وتطويره في ظل هذه القوانين.
وعلى وجه التحديد فإن التعرف على قوانين الضريبة سيساعدك حتماً في تحقيق تصور متكامل عن التدفقات النقدية التي يتم إنفاقها على صورة ضرائب. كما تعتبر هذه الخطوة مهمة جداً لقياس مدى قدرة شركتك على الامتثال للقوانين والضريبة، الأمر الذي بدوره يشكل ضغطاً على بعض أصحاب المشاريع في بعض الحالات فيدفعهم إلى الاستسلام.
3. التعرف على الموارد التي يحتاجها المشروع
في حال قمت بإجراء تحليل سوات كما ينبغي، فلا بد أنك قد تعرفت بالفعل على الموارد التي تحتاجها. وسواءً كنت قد تعرفت على احتياجاتك من الموارد أم لا، فلا بد من التأكد من أنك قد حصرت جميع الموارد التي تحتاجها للبدء. ثم يتوجب عليك أن تفكر في مدى قدرتك على امتلاك هذه الموارد وكيفية تحقيق الاستدامة لمواردك.
وتكمن أهمية هذا الإجراء في أنه قد يكشف لك استحالة الاستفادة من مورد ما، وعندها يمكنك تغيير خطتك.
4. إجراء أبحاث السوق
ويتم هذا الإجراء من خلال جمع وتحليل البيانات حول قطاع ما أو صناعة معينة، بالإضافة إلى المنافسين في هذا المجال الذي تنوي الدخول إليه. ويهدف هذا البحث إلى التعرف على ربحية هذا المجال، والتوجهات الحديثة فيه، بالإضافة إلى مدى تشبع السوق من السلعة أو الخدمة التي تعتزم إطلاقها في الأسواق.
أما بالنسبة لكيفية جمع هذه المعلومات فمن المهم معرفة أن أبحاث السوق تتم بطريقتين: الأبحاث الرئيسية، والأبحاث الثانوية.
فالأبحاث الرئيسية تتضمن تحليل البيانات التي تم جمعها من خلال المقابلات والاستبانات أو حتى التجارب العملية التي تتم من خلال قياس تجربة المستهلك أو المستخدم.
أما الأبحاث الثانوية فتتم من خلال دراسة البيانات المتاحة للعامة، مثل البحوث والإحصائيات التي تصدرها الحكومات أو المنظمات.
ومن المهم للغاية في مرحلة البحث أن يتم التركيز على تضييق مجال تخصصك قدر الإمكان بهدف تحقيق التميز وتضييق دائرة المنافسين. حيث أن التركيز على تخصص فرعي Niche سيساعدك حتماً على تطوير استراتيجية أعمال تنافسية، كما سيساعدك في احتكار شريحة مميزة من العملاء بعيداً عن المنافسة الشرسة.
5. تحديد الشريحة المستهدفة
على الرغم أن تحديد شريحة العملاء المستهدفة تجري في الغالب ضمن أبحاث السوق، إلا أنها تستحق أن نفرد لها فقرة خاصة نظراً لأهميتها. وتعود أهمية تحديد الشرائح المستهدفة إلى كونها ستؤثر بشكل كبير في طبيعة منتجاتك، وإلى كونها تعتبر المحرك الأساسي الذي يقود التوجهات التسويقية.
ومن هنا ظهرت أهمية المبدأ التسويقي في التمحور حول العميل Customer-Centric حيث تحول التسويق من توفير سلع تقليدية في الأسواق، إلى تشكيل منتجات بحسب تفضيلات العملاء. إن تحديد عملاءك بدقة يتطلب منك خلق الهوية الافتراضية لعميلك المثالي Buyer / User Persona، والتي بدورها تتضمن المعرفات الشخصية مثل العمر، الجنس، الحالة الاجتماعية، الدخل، الوظيفة، والتفضيلات.
كما يمكنك أيضاً أن تخلق العديد من الهويات الإفتراضية ومن ثم تقوم بجمع بيانات فعلية من عملاءك المحتملين من خلال المقابلات الشخصية أو حتى الاستبانات، ومن ثم تجري التعديلات اللازمة على الهويات الإفتراضية بشكل مستمر لضمان التوجه للعميل المثالي.
6. جمع عروض الأسعار
قم بحصر وتسعير جميع الموارد التي تحتاجها للبدء، والموارد التي تحتاجها لبدء أي نشاط قد تتضمن جميع أو بعض مما يلي:
- الممتلكات مثل المباني والآلات والمعدات والمركبات أو حتى كلفة إنشاءات البنية التحتية
- العقود ففي حال كنت لا ترغب في شراء ممتلكات فسوف تلجأ لعقود إيجار لاستخدام ممتلكات الغير
- السلع مثل المواد الأولية للإنتاج أو كلف شراء البضائع والمخزون
- الخدمات مثل كلفة المياه والكهرباء والاتصالات والانترنت وغيرها
- الأجور مثل الرواتب والمياومات والاستشارات وغيرها من كلف توظيف الخبرات
- كلف التأسيس مثل كلفة تسجيل الشركة والاسم التجاري والاتعاب القانونية
- التسويق والتوزيع حيث تمثل كلفة الترويج لخدماتك وسلعك وتوزيعها وانتشارها في الأسواق
ومن المهم معرفة أن الاحتياجات تختلف باختلاف طبيعة النشاط والمجال الذي ستخوضه، بالتالي يتوجب عليك أن تحيط بجميع العناصر التي تحتاجها للبدء والتي قد تزيد على ما ذكرناه سابقاً.
مرحلة تخطيط المشروع
1. رسم خطة عمل
لقد قمت بعمل جيد وقطعت أشواط طويلة في التفكير والتحليل، إذاً لا بد أن فكرتك قد بدأت تنضج وحان الآوان للتخطيط.
بعد ذلك قم بتجميع كل الأفكار التي حصلت عليها من الخطوات السابقة، ثم قم بمراجعتها واحدة تلو الأخرى. ولا تنس تدوين ملاحظاتك حول كل فكرة فهذا الإجراء سوف يساعدك في الحصول على نظرة شاملة ستفيدك عند إعداد خطة العمل.
وتتكون خطة العمل من المحاور الرئيسية التالية:
- ملخص الشركة بحيث يحتوي على أهداف الشركة وكيفية تحقيق هذه الاهداف
- وصف الشركة بتسليط الضوء على المشكلة التي ستقوم بحلها وكيف ستقدم حلول مميزة مقارنة بالمنافسين
- تحليل السوق من ناحية القطاع الذي تعمل به الشركة وتعريف الشرائح المستهدفة بالإضافة إلى تحليل المنافسين
- الهيكل التنظيمي بإعداد تصور عن شكل الشركة والأقسام والوظائف
- المنتجات بتقديم وصف دقيق للسلع أو الخدمات التي تقدمها يتضمن الأسعار وتصورك عن آليات التوريد والتوزيع
- خطة التسويق بحيث تتضمن استراتيجيات وآليات التسويق لترويج منتجاتك
- الموازنة قم بعمل موازنة مالية متوقعة لتكوين فكرة حول مدى ربحيته المتوقعة
وتذكر أن إنشاء خطة العمل ينبغي أن يخدم الغرض الأساسي من إنشاءها، فالبعض قد يستخدمها للحصول على تمويل، أما البعض الآخر قد يستخدمها كخارطة طريق لتسيير أعماله وفقها، وبذلك يختلف شكل خطة العمل باختلاف الأغراض والأسباب.
2. عمل موازنة تقديرية للمشروع
الموازنة التقديرية تتطلب منك الإحاطة بجميع الجوانب المالية لمشروعك. ولكي تقوم بذلك يتوجب عليك أن تجمع بيانات عن جميع الموارد التي تحتاجها لإطلاقه.
لا بد أنك قد قمت فعلاً بالتعرف على مواردك التي تمتلكها بالفعل، وكذلك الأمر بالنسبة للموارد التي تنقصك، حيث قمت بحصرها عند قيامك بتحليل SWOT أو حتى لاحقاً عند قيامك بالتعرف على الموارد التي تحتاجها.
ولكن إعداد موازنة تقديرية واقعية، يتطلب جمع بيانات دقيقة حول كل ما تحتاجه للبدء بالعمل، من كلف تأسيس ومصاريف وإيرادات.
وهنا عليك أن تفرق بين الموازنة الرأسمالية والموازنة التشغيلية
فالموازنة الرأسمالية تتعلق بكلف التأسيس التي تحتاجها لإنشاء أرضية للقيام بالأنشطة، مثل كلفة شراء الأصول الثابتة التي تسعى لامتلاكها والتحكم بها والانتفاع بها، مثل المباني والأراضي والمعدات والآلات والمركبات أو حتى أنظمة المعلومات.
أما الموازنة التشغيلية فتتضمن الإيرادات المتوقعة، بالإضافة إلى المصاريف مثل الكلف المباشرة للبضاعة أو الخدمة، والرواتب، وفواتير الخدمات، والضرائب وغيرها. وما يهمنا هنا هو أن الموازنة التشغيلية هي عبارة عن توقع لقائمة الدخل التي يمكنك من خلالها تكوين صورة أقرب إلى الواقع عن مدى ربحية نشاطاتك من عدمها.
3. ابتكار العلامة التجارية
لعلك لاحظت أن الكثير من شعوبنا العربية تطلق تسمية Jeep على جميع سيارات الدفع الرباعي. أو تسمية Pyrex على جميع الأطباق المصنوعة من زجاج خاص يحتمل حرارة عالية. وهناك أمثلة عديدة لعلامات تجارية ترسخت بقوة في الأذهان حتى طغت على العلامات التجارية للمنافسين، ولعل هذه المقدمة قد جعلتك تدرك مدى أهمية حضور العلامة التجارية.
ولكي تبتكر علامتك التجارية الفارقة يتوجب عليك أولاً أن تبتكر الرؤية والمهمة والقيم الأساسية، ومن ثم تقوم ببناء العلامة التجارية التي تعكس هذه الشخصية المميزة. يمكنك أيضاً البحث في القواميس والمجالات والعلوم المختلفة عن التسميات أو المفردات التي تعكس شخصية علامتك التجارية بوضوح.
4. بناء الهيكل التنظيمي والوصف الوظيفي
الهيكل التنظيمي هو عبارة عن وسيلة يتم من خلالها إبراز التقسيمات المختلفة للمديريات والأقسام والوظائف المختلفة ضمن الوحدة الاقتصادية، والتي يتم تصميمها بشكل يبرز تدرج السلطة والمسؤولية داخل المؤسسة.
وبناءً على التعريف السابق يمكنك تخيل هيكلك التنظيمي على صورة هرم يتدرج من أعلى سلطة تؤثر في صنع القرار مثل الملاك والمساهمين، مروراً بمجلس الإدارة، إلى المديريات فالأقسام والتي بطبيعة الحال تتكون من عدة وظائف يؤديها الموظفون المختلفون لديك.
وتتعدد المديريات والأقسام داخل الشركة بحسب تعقيد الهيكل التنظيمي، ومن أهم الأقسام الرئيسية في الشركات الربحية: الموارد البشرية، المشتريات، التسويق، المبيعات، المحاسبة. وكونك تسعى إلى إطلاق عملك الخاص فيمكنك أن تؤدي بنفسك العديد من الوظائف السابقة في الوقت الحالي، في حال توفرت لديك المؤهلات والقدرة.
وفي حال أتممت تصورك عن الهيكل التنظيمي المناسب، والوظائف المختلفة التي يتضمنها، فيمكنك أن تبدأ في كتابة الوصف الوظيفي لكل موظف. أو على الأقل لكل وظيفة تحتاج من غيرك القيام بها في الوقت الحالي، بحيث يساعدك ذلك في تحديد المهام التي تحتاج المساعدة في أدائها فوراً.
وليكن في حسبانك أن تحديد الوصف الوظيفي يتبع اختصاص الموارد البشرية عادةً، وفي حال وجود هذا القسم فيجب أن تترك لهم هذه المهمة. وإن لم يتوفر فيمكنك الإستعانة بمؤسسات خدمات التوظيف، أو حتى يمكنك القيام بذلك بنفسك كما سبق أن أشرنا، وذلك في حال كنت تمتلك الخبرة اللازمة.
5. البحث عن مصادر تمويل
في حال لم يتوفر لديك أموال للبدء، فيمكنك في وقتنا هذا أن تحصل على التمويل اللازم من مصادر متعددة، علماً بأن كل طريقة تمويل لها سلبياتها وإيجابياتها.
ولتمويل مشروع يمكنك البحث في الخيارات ومصادر التمويل التالية والتي قسّمناها لك حسب أفضليتها:
- الاقتراض: من خلال اللجوء للأقارب أو المعارف وبحيث تحتفظ بالملكية الكاملة لشركتك وتضمن الاحتفاظ بالأرباح. والبعض قد يلجأ إلى البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، وهذا غير محبذ حيث أن علاقتك بهذه المؤسسات لن تكون تشاركية ولا في صالح شركتك.
- العائلة: حيث يمكنك أن تحصل على مساهمات من أفراد عائلتك مقابل حصة من الأرباح
- الأصدقاء: حيث تستطيع الاشتراك مع أصدقاء مقربين مقابل حصص من الأرباح
- حاضنات الأعمال: يمكنك البحث عن إحداها في محيطك، حيث تقوم هذه الحاضنات بالربط بينك وبين المستثمرين، كما يمكنها مساعدتك في تطوير عملك أيضاً
- منصات التمويل الجماعي: وهي عبارة عن منصات الكترونية عبر الانترنت تقوم بعرض فكرتك عليها لجذب المستثمرين المحتملين
- رواد الأعمال: فمعظم هؤلاء يبحثون دائماً عن مشاريع واعدة لتنويع مصادر دخلهم، كما يمكنهم مساعدتك في تطوير عملك بحكم خبرتهم
6. تحليل نقطة التعادل
تحليل نقطة التعادل يتم من خلال تحديد عدد الوحدات اللازم بيعها لتغطية تكاليف التأسيس. وبمعنى آخر يتم من خلال تحديد عدد الوحدات اللازمة لتحقيق ايرادات تساوي كلفة التأسيس.
وكونك قد قمت فعلاً بجمع عروض الأسعار حول الموارد التي تحتاجها للبدء، فيمكنك الآن تسعير كلفة منتجاتك من سلع أو خدمات، ويتم ذلك من خلال قياس كلفة انتاج او شراء الوحدة المعيارية تامة الصنع بالإضافة إلى هامش الربح للوحدة.
ومن المهم في هذه المرحلة أن تقوم بتحديد التكاليف المتغيرة للوحدة الواحدة، وهي ببساطة الكلف التي تزيد بازدياد عدد الوحدات المنتجة أو المباعة وتنخفض بانخفاض عددها.
الآن لو كانت كلفة التأسيس تساوي 20,000 وكانت الكلف المتغيرة للوحدة تساوي 5 وكنت تنوي بيع الوحدة الواحدة بسعر 100 فأنت تحتاج إلى إجراء المعادلة التالية:
كلفة التأسيس/ (سعر البيع – الكلف المتغيرة) أو بمعنى آخر 20,000/(100-5) وتساوي 210 وحدات يجب بيعها لاسترداد كلفة التأسيس.
وتكمن أهمية إجراء هذا التحليل في أنه سيعطيك فكرة دقيقة عن فترة الاسترداد، بالتالي يكون بين يديك خارطة طريق تسير وفقها، وكذلك تمكنك من إقناع المستثمرين بشكل أكبر عند الحاجة للحصول على تمويل.
مرحلة تنفيذ المشروع
الآن يمكنك البدء بتحقيق رؤيتك على أرض الواقع، حيث ستقوم بتنفيذ خطتك التي قمت برسمها بشكل دقيق، ولا تنس في هذه المرحلة أن تجمع التغذية الراجعة باستمرار وتعدل خطتك لكي تضمن توافقها مع البيانات الواقعية والعملية.
في هذا المقال حاولنا أن نجمع لك الممارسات المثلى والإجراءات التي يتوجب عليك اتباعها لبدء مشروعك، والهدف من ذلك هو أن تكتسب خبرة عميقة عن المجال الذي تعتزم الدخول في معتركه، بالتالي تتمكن من ممارسة نشاطك بكفاءة وفاعلية.
بارك الله بكم موضوع شامل ومتكامل جزاك الله خير الجزاء واحسنه