صورة الغلاف مقال مقدمة في الحوكمة- الممارسات المثلى موقع تمكين الشركات الناشئة

مفهوم الحوكمة

الحوكمة هي عبارة عن الإطار العام من السلطات و المسؤوليات التي تحدد المخرجات و تتحكم بها في أي مشروع أو برنامج أو كيان اعتباري. [1]

و بالإضافة إلى ذلك فالحوكمة هي تلك العملية التي تنبثق منها صناعة القرار و فرض القوانين و جعلها نافذة في أي كيان منظم أو مجتمع ما.

وقد يتبادر للذهن أن الحوكمة تتعلق بالمؤسسات الحكومية حصراً! و الحقيقة أنها يمكن تطبيقها في شتى المنظمات.

وبطبيعة الحال تتخذ مداخل مختلفة تبعاً للجهة التي تتبناها، فهناك حوكمة للشركات و حوكمة دولية و حوكمة للمنظمات غير الربحية و غيرها من التطبيقات.

وكون المشاريع الناشئة الهادفة للربح هي محور اهتمامنا في هذا الموقع فلا بد لنا من التعمق في مفهوم حوكمة الشركات في ما يلي من سطور.

الحوكمة للشركات

يمكن تعريف حوكمة الشركات بأنها منظومة من القواعد والممارسات والعمليات التي تتحدد من خلالها كيفية ادارة الشركة والسيطرة على مواردها المختلفة والتحكم بها.

كما أنها تتضمن تحقيق التوازن بين تطلعات الاطراف ذات العلاقة على تنوعهم.

على سبيل المثال المساهمين و المدراء التنفيذيين و العملاء و الموردين و الجهات المقرضة و المؤسسات الحكومية. بالإضافة إلى المجتمع الذي يؤثر كما يتأثر بالعمليات و الأنشطة التي تخوضها الشركة في نطاقه.

مما سبق يتبين لنا أن الحوكمة هي الإطار العام الذي يشكل خارطة الطريق إلى تحقيق أهداف الشركة، والذي يتم من خلاله توجيه جميع التنظيمات الإدارية داخل هذه الشركة والسيطرة على العمليات التي تتم فيها.

بعد ذلك يحق لنا أن نطرح السؤال التالي:

على من تقع مسؤولية بناء الحوكمة؟

لا بد قبل الإجابة عن هذا السؤال من توضيح نقطة مهمة :

وهي أن الحوكمة المتينة تتطلب تطبيق مبدأ فصل الإدارة عن الملكية.

في الحقيقة هذا المبدأ مهم جداً لإدارة موارد الشركة بأسلوب احترافي بحت وتحييد المخاطر المتعلقة باتخاذ قرارات تنحاز لمصالح المالك او المالكين أكثر من انحيازها للمصلحة العليا للشركة.

إن مبدأ فصل الإدارة عن الملكية يتطلب بطبيعة الحال تفويض مجالس الإدارة أو أي شكل من أشكال السلطة التنفيذية. و بموجب هذا التفويض تنتقل سلطة إدارة الشركة من المالك أو المساهمين إلى التنفيذيين لإدارتها بالنيابة عنهم.

ثم إن الحوكمة المثالية هي تلك التي يتم بناءها من قبل السلطة التنفيذية. و يتم المصادقة عليها من قبل المالكين بطبيعة الحال.

كما أن هذه الخطوة فعالة جداً في وضع مثالي. لا سيما إذا كانت مجالس الإدارة قادرة ومتمكنة من مزاوجة مصالح المالكين مع المصلحة العليا للمشروع بالإضافة إلى جميع الأطراف ذات العلاقة. وكنتيجة لذلك تحقق من خلال الحوكمة ذلك التوازن المطلوب لتحقيق الإستدامة والمنافع المرجوة من هذا المشروع.

وعند الشروع ببناء حوكمة متينة لا بد من مراعاة نقاط مهمة للغاية تتمحور حولها الحوكمة المثالية و هي عبارة عن:

الممارسات المثلى لحوكمة الشركات

  • تطوير و بناء مجالس إدارة بناءً على الكفاءات و التنوع.
  • الالتزام الكامل بالأخلاقيات و الحياد.
  • تحديد القواعد و المسؤوليات.
  • تحقيق التزامن مع الاستراتيجيات و الأهداف.
  • المحاسبة و المسؤولية.

تطوير و بناء مجلس الإدارة

عند التأسيس للسلطة التنفيذية أو التنفيذيين فلا بد من تحقيق التوليفة الأمثل لتحقيق مصالح الشركة.

و إلى جانب مراعاة المؤهلات الشخصية لكل تنفيذي عند اختياره لشغل منصبه فلا بد من التأكد على وجه الخصوص من تمتعه بالحياد والحس بالمسؤولية والقدرة على تحييد المصالح الشخصية مقابل المصلحة العليا للمنظمة.

وبالإضافة إلى ذلك لا بد عند تعيين هؤلاء من مراعاة جلب القدر الكافي من التنوع إلى طاولة صنع القرار. مما يؤدي إلى تغطية جوانب أوسع وأشمل عند اتخاذ القرارات ورفع الوعي التراكمي والمخزون المعرفي على مستوى الشركة لتحقيق المنفعة الأمثل من تأسيس هذا المجلس.

لا بد أيضاً من تحديد منظومة القيم والصفات الأشمل التي يجب أن تتوفر في الأعضاء لخدمة أهداف الشركة وصالحها العام. فمثلاً قد تتطلب وظيفة مدير التسويق قدراً عالياً من التعاطف مع مشاكل الشرائح المستهدفة التي تسعى الشركة لحلها بمقابل مادي. من ناحية أخرى تتطلب وظيفة مدير العلاقات العامة شخصاً يمتاز بالمهارات الاجتماعية وبناء شبكات العلاقات. كذلك لا بد للمدير المالي مثلاً من التمتع بقدر عالٍ من الشفافية والأمانة والالتزام بأخلاقيات مهنة المحاسبة مما يؤدي به إلى مناقشة مواطن الضعف بانفتاح ودون خوف. مما يؤدي إلى اتخاذ المجلس لقرارات تساهم في حل المشاكل المالية للشركة وتحسين الأداء المالي والتطوير والتوسع.

الالتزام الكامل بالأخلاقيات و الحياد

يعتبر بناء الثقة من أهم العوامل التي تؤدي إلى تطور الأعمال. فالشركة القادرة على ترسيخ أعلى قدر من الثقة لدى الاطراف ذات العلاقة تمتلك القدرة على الصمود والتطور أكثر من غيرها. و على سبيل المثال لنا أن نتخيل شركة تقوم بالإعلان عن منتج بمواصفات معينة وتطرح في الأسواق هذا المنتج بمواصفات مختلفة! بصفة عامة فإن هذه الشركة ستحقق مبيعات أولية جيدة كنتيجة للحملة الإعلانية ولكنها لن تحقق الاستدامة في نسب المبيعات كونها لم تراعي مصداقيتها أمام عملاءها. وإن كانت تحتكر هذا المنتج قد تستمر بتحقيق مبيعات مقبولة لبعض الوقت. ولكنها بالتأكيد لن تصمد أمام أول منافس يتمكن من تحقيق المصداقية التي تفتقر إليها.

وبالنظر إلى ما سبق لا بد لصناع القرار من الالتزام بالأخلاقيات والحياد بأنفسهم كونهم هم من تنبثق عنهم القرارات الحاسمة. ونتيجة لذلك تتمكن الشركة من تصدير صورة ايجابية وترسيخ هذه الصورة لدى جميع الاطراف التي تتعامل معها. مما يساعدها في تجسير الفجوات التي قد تبعدها رويداً رويداً عن مصادر تحقيق الاستدامة والمنفعة بل حتى تمنعها من التطور في بيئتها.

تحديد القواعد و المسؤوليات

للسيطرة على موارد شركة ما وإدارتها بالشكل الأمثل فلا بد من تحديد مصفوفة من القواعد والمسؤوليات التي تحكم طريقة إدارة الشركة وتحقق التناغم المطلوب لتحقيق الأهداف. و لك أن تتخيل أوركسترا بلا قائد! النتيجة كل يغني على ليلاه! حينما لا توجد قواعد للالتزام بها ولا مسؤوليات ليحاسب الافراد بناء عليها.

إن هذه القواعد والمسؤوليات هي أشبه ما يكون بقواعد المرور التي تضبط حركة السير وإلا فكل سائق سيقود مركبته كما يحلو له ولك أن تتخيل النتيجة الكارثية!

إذاً لا بد من تحديد القواعد والقوانين التي تضبط الايقاع العام. وكذلك لا بد أيضاً من تحديد مصفوفة المسؤوليات والصلاحيات و تحديد من تسند إليه كل مسؤولية لتجنب التعارض بين المهام وتجنب تداخل الأقسام والدوائر.

تحقيق التزامن مع الاستراتيجيات و الأهداف

بصفة عامة فكل مشروع ناشئ يتم تأسيسه لتحقيق هدف ما أو مجموعة من الأهداف. و للوصول لهذه الأهداف لا بد من خطط استراتيجية تضمن رسم معالم الطريق باتجاه تحقيق هذه الأهداف.

و في الحقيقة إن دور الحوكمة في هذه المرحلة هو تنسيق الجهود وتوحيدها بالشكل الذي يراعي الاهداف العامة ويتماشى مع الاستراتيجيات المرسومة. كما يعتبر تعارض الحوكمة مع الاستراتيجيات والاهداف اجراءً غير مقبول بتاتاً! حيث تفرض الحوكمة في هذه الحالة نوعاً من البيروقراطية غير الصحية والتي تلقي بظلالها على المشروع ككل فتقيد الحركة وقد تؤدي أيضاً إلى قتل الإبداع لدى الفرق والأفراد مما يمنع الشركة من التطور والتوسع او حتى الصمود.

المحاسبة و المسؤولية

من أهم ممارسات الحوكمة باعتبارها مرجعية للمحاسبة والمسؤولية. نتيجة لذلك لا بد للحوكمة المثلى أن تقدم نموذجاً واضحاً وصريحاً يحدد من خلاله لماذا ومتى وكيف نحاسب و تحديداً على من تقع المسؤولية عند الحساب. و تماماً كما هو الحال على مستوى السلطة القضائية في أي دولة كانت، فكل كيان او منظمة تتبنى الحوكمة لها لوائح توضح على من تقع المسؤولية والتوقيت والكيفية والأسباب التي يحاسب على أساسها من تقع عليه هذه المسؤولية.

تبني أسلوب حوكمة رشيد

في النهاية لا بد من الإقرار أنه لا وجود لقالب موحد للحوكمة يصلح للتطبيق في جميع المؤسسات و الشركات و المنظمات. و نظراً لتنوع الشركات و أهدافها وهياكلها فكل كيان يعامل معاملة خاصة عند تبني الحوكمة وبناءها.

يتوجب التنويه أننا قد وضحنا فيما سبق فقط الأمور الأهم الواجب مراعاتها عند الشروع بحوكمة الشركات. و يبقى موضوع الحوكمة بحاجة إلى الكثير من البحث المضني. بالتالي يتطلب الأمر من متابعينا الكرام أن يأخذوا بعين الاعتبار خصوصيات مشاريعهم و توجهاتها و أهدافها كمنطلق لبناء حوكمة رشيدة.

ولا تنسوا أننا بخدمتكم دائماً في حال احتجتم للمساعدة فهذا الموقع مخصص لخدمتكم.

4 أفكار عن “مقدمة في الحوكمة – والممارسات المثلى”

  1. مقالة مهمة جدا باعتبارها مفتاحا او مقدمة للولوج في هذا فضاء الحوكمة الرحب . جزاكم الله خيرا و بارك بكم بجهودكم الطيبة.

    1. نشكركم على كلمات التشجيع هذه وندعوكم إلى متابعة جديد الموقع حيث سنستمر في تقديم المزيد حول موضوع الحوكمة في قادم الأيام

  2. بارك الله فيكم والى الامام إن شاء الله
    يعني بأختصار الحوكمة هي عبارة عن مجموعة من الانظمة والضوابط والقوانين ، هذا ما فهمته

    1. شكراً لكم، نعم بمعنى آخر فالحوكمة هي القالب أو النموذج الذي يضم الأنظمة والقوانين والسياسات والإجراءات، ويحدد كيفية منح الصلاحيات وتدرج السلطة.

اترك رد

Scroll to Top